القاهرة 29 أكتوبر 2025
بمناسبة اليوم الدولي للرعاية والدعم، الذي يُحييه العالم في 29 أكتوبر، يُسلّط المركز المصري لحقوق المرأة الضوء على قضية محورية: “اقتصاد الرعاية غير المدفوع” في مصر، الذي يمثل عبئاً مجحفاً يُثقل كاهل المرأة ويعيق تقدم المجتمع بأسره. ويدعو المركز صناع القرار إلى اتخاذ إجراءات فاعلة للاعتراف بهذا العمل الحيوي وتقليله وإعادة توزيعه بشكل عادل.
تشكل أعمال الرعاية غير المدفوعة – من رعاية الأطفال وكبار السن والمرضى إلى الأعمال المنزلية – قاطرة الاقتصاد الخفي الذي تديره المرأة. هذا المحرك الخفي هو عماد استقرار الأسر وتماسك المجتمعات، لكن ثمنه الباهظ تدفعه المرأة وحدها، مما يحرمها من فرص التعليم والتقدم الاقتصادي، ويديم دائرة الفجوة بين الجنسين.
تكشف البيانات الرسمية النقاب عن صورة صادمة لحجم هذه الأزمة الصامتة:
هوة زمنية هائلة:تتحمل المرأة العبء الأكبر من وقت الرعاية، سواء كانت موظفة أم لا. فبحسب بيانات هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تقضي المرأة المتزوجة في مصر سبعة أضعاف وقت الرجل المتزوج في أعمال منزلية غير مدفوعة الأجر، بينما تقضي غير المتزوجات 6.5 أضعاف نظيراتهن من الرجال.
تأثير مدمر على الاقتصاد:يُعد هذا التوزيع غير العادل للرعاية عاملاً محورياً في تدني مشاركة المرأة في سوق العمل. فوفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، لا تتعدى نسبة المشتغلات من النساء 15.8% مقارنة بـ 84.2% للرجال، كما يرتفع معدل البطالة بين النساء إلى 17.8% مقابل 4.7% بين الرجال فقط.
معاناة مزدوجة:المرأة التي تخترق حاجز سوق العمل تواجه “دورة مزدوجة” من الإرهاق، حيث تجمع بين أعباء وظيفتها وعبء الرعاية المنزلية غير المُقاس، مما ينعكس سلباً على صحتها ويحد من آفاق تطورها المهني.
لذا تُطالب الأستاذة نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص بالتحالف لبناء “نظام وطني للرعاية” عادل وشامل، من خلال:
الاعتراف والقياس:الاعتراف الرسمي بقيمة أعمال الرعاية غير المدفوعة كمساهمة أساسية في الاقتصاد القومي، وقياسها وإدراجها في الإحصاءات الرسمية.
الاستثمار في البنية التحتية:الاستثمار في خدمات رعاية مدعومة وعالية الجودة، مثل توسيع نطاق دور الحضانة ورياض الأطفال ومراكز رعاية المسنين، لتخفيف العبء عن الأسرة المصرية.
تقاسم المسؤولية:تشجيع تقاسم أعباء الرعاية داخل الأسرة عبر حملات توعية وتطبيق سياسات داعمة مثل إجازة الأبوة.
التمثيل العادل:ضمان تمثيل المرأة تمثيلاً عادلاً في مواقع صنع القرار الخاصة بسياسات الرعاية والموازنات العامة.
الرعاية عمل، والرعاية استثمار في رأس المال البشري. لا يمكن لمصر أن تحقق طموحاتها في تنمية اقتصادية حقيقية أو تمكين شامل للمرأة، بينما يظل هذا القطاع الحيوي غير معترف به، وغير مُقدر، ومُلقىً بكامله على كتف واحدة. لقد حان الوقت لتحويل هذا الالتزام إلى فعل، وبناء نظام رعاية يحقق العدالة ويطلق طاقات نصف المجتمع ليكون شريكاً كاملاً في بناء المستقبل.









